رأي الشباب - رأي االشباب - رأي الشباب
انتفاضة الأقصى وخسائر القطاعات الاقتصادية!! - العدد الأول (يونية 2001)

الخواجة تينيت ينقذ الاقتصاد الإسرائيلى

طوال الثمانية أشهر الأولى من عمر الانتفاضة ، مارست الولايات المتحدة الأمريكية دور المتفرج ببراعة شديدة ، بحجة أن الإدارة الأمريكية الجديدة ليست على جانب كبير من الدراية بأوضاع وتطورات الصراع الفلسطينى / الإسرائيلى كسابقتها التى إنغمست فى هذا الصراع حتى أذنيها ، وظلت طوال هذه الشهور تراقب - وهى القطب الوحيد القادر على التخل - شعب أعزل يواجه جيش من أعتى القوى العسكرية فى العالم ، مدجج بأحدث الأسلحة المدمرة للبشرية ، الأمريكية الصنع ، ومدعم بتواطؤ عربى وإنحياز دولى سافر سواء من الدول الغربية أو المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة ، ولم يصدر عن الإدارة الأمريكية سوى بعض المناشدات بضيط النفس من الجانبين " الشعب الأعزل والجيش المدجج " !!

ولكن فجأة أستنفرت الولايات المتحدة كل قوتها وبدأت فى الإنغماس فى الاحداث الدائرة فى الشرق الأوسط وبقوة ، فحركت موظفيها كالأمين العام للأمم المتحدة وعينت منسقاً جديداً للشرق الأوسط إندفع فى جولات مكوكية فى المنطقة ،ثم كان أن حركت رئيس مخابراتها - جوج تينيت - الذى هبط على المنطقة مرتديا قبعة الكاوبوى الأمريكى ليفرض التوجه الأمريكى - الأوربى والذى يعبر عن التوجه الإسرائيلى بالأساس ، والذى تمثل فى المساواة بين الضحية والجلاد فى طلب وقف العنف ، مع الضغط على السلطة الفلسطينية لإعتقال كل المناضلين الفلسطينين المندرجين فى خلايا المقاومة الشعبية ، بدون أن تحمل ورقة تينيت إسرائيل أية أعباء!!!

فما الذى حدث على أرض الواقع دفع الولايات المتحدة لتغيير طريقة تعاملها مع الصراع الفلسطينى / الإسرائيلى ؟ الذى حدث ببساطة أن الإنتفاضة الفلسطينية وبالرغم من القتل والقمع الذى مارسه الجيش الإسرائيلى إستمرت بقوة وأستطاعت - من خلال مزجها بين النضال المدنى وتكتيكات حرب العصابات - أن تهز المجتمع الإسرائيلى من الداخل هزة قوية جداً زعزعت ثقته العمياء فى قدرته على سحق الفلسطينين - فقد طالت القنابل البشرية الفلسطينية الإسرائيلين داخل أراضى 48 ودخلت تل أبيب نفسها - وحول المقاتلون الفلسطينيون حياة المستعمريين إلى جحيم سواء عن طريق قنابل الهاون التى حولت ليل المستعمريين إلى نهار مضئ وحرمت المستعمريين الرقاد ، أو عن طريق الكمائن التى كان الفلسطينيون يقيمونها على الطرق الإلتفافية ، والتى كانت تسفر دائماً عن قتل عدد من المستعمريين ، الأمر الذى دفعهم إلى عدم الحركة إلا فى جماعات وفى حراسة الجيش الإسرائيلى ، ودفعت البعض منهم للهرب من المستعمرات المقامة بقطاع غزة والضفة ، والإنتقال لأراضى 48 ، ونتيجة لهذا الوضع الذى خلقته الإنتفاضة واجه المجتمع الإسرائيلى مشاكل طاحنة …. فبعد ثمانية أشهر من إندلاع الانتفاضة هبط النمو المقدر للإقتصاد الإسرائيلى من 4.5% إلى 2% بحسب تقديرات صندوق النقد الدولى ، وهى تقديرات يرى خبراء كثيرون أنها متفائلة ، وضرب الإنهيار صناعة التكنولوجيا نتيجة إنهيار أسهم شركات التكنولوجيا الإسرائيلية الأمر الذى دفع الاقتصاد الإسرائيلى للترنح ، وتراجع الإنتاج الصناعى التقليدى والزراعى ، كما تراجع البناء وأصبحت الشقق على التلال قرب القدس خاوية لا تجد من يشتريها ، وهبط عدد الحاويات المستوردة ، وضربت السياحة فأغلق 25 فندقاً إسرائيليا منذ أكتوبر الماضى منها عشرة فى الناصرية وحدها ، كما هبط عدد نزلاء الفنادق الإسرائيلية بنسبة 25% منذ إندلاع الإنتفاضة فى مقابل 4% فقط لفنادق الأراضى الفلسطينية ، وأصبح هناك 70 ألف عاطل عن العمل فى قطاعى الفنادق والمطاعم الإسرائيلية ، كما أعلنت شركة " فندقك " أن دخلها سينخفض وأنها ستطرد 12% من موظفيها ، وأعلنت وكالة الطاقة العاملة الإسرائيلية أن الطلب على موظفى التكنولوجيا المتقدمة إنخفض بنسبة 21% وأن عدد العاملين فى هذا القطاع فى فترة الإنتفاضة أقل 40% من عددهم فى الفترة نفسها من السنة الماضية ، وأصبح هناك ألوف الإسرائيليين العاطلين عن العمل فى قطاع التكنولوجيا.

أرتفعت خسائر شركة العال الإسرائيلية وسجلت خسارة قدرها 50 مليون دولار نتيجة إنخفاض عدد ركابها. كما كانت الحركة الإصلاحية اليهودية ضربة معنوية قاصمة لإسرائيل عندما أعلنت إلغاء برنامج إرسال الشباب اليهودى إلى إسرائيل بسبب الخطر على حياتهم ، لأمر الذى دفع رئيس بلدية القدس الصهيونى المتشدد " إيهود أولمرت " إلى القول : أن الحركة الإصلاحية بصقت فى وجه إسرائيل......

بعد هذا الإستعراض الموجز للأوضاع المتردية التى خلقتها الانتفاضة الفلسطينية داخل إسرائيل ، أصبحت الإيجابة على التساؤل المطروح حول الدافع لتحرك الولايات المتحدة واضحا ، فتينيت لم يأتى إلا لإنقاذ الحليف الإسرائيلى من عثرته الاقتصادية والاجتماعية والنفسية ، أو بمعنى أدق لتوفير مليارات الدولارات الإضافية التى كانت الولايات المتحدة ستضطر لدفعها لإنقاذ إقتصاد إسرائيل ، وأيضاً لحرمان الشعب الفلسطينى من ثمار نضاله الإنتفاضى وغرس فكرة الهزيمة فى نفسية الشعب الفلسطينى عبر التلويح بإلتزام الولايات المتحدة - القطب المهيمن على كل التوازنات الدولية - حماية إسرائيل بأى شكل كان.عن طريق خرس وإجهاض حركة التضامن العربية التى إندلعت بين الشعوب العربية لدعم الشعب الفلسطينى ، الأمر الذى ينذر بتهديد المصالح الأمريكية فى المنطقة ،وإستقرار الأنظمة والتى هى موالية للولايات المتحدة بشكل كامل.

وتشكل ورقة تينيت بذلك حلقة فى سلسلة طويلة من التصورات الأمريكية / الأوربية المفروضة على الشعب الفلسطينى والهادفة لإفراغ نضال الشعب الفلسطينى من مضمونه ، وهذه التصورات التى بدأت بمؤتمر مدريد وإنتهت حتى الأن بالمبادرة المصرية - الأردنية وتقرير ميتشل ثم ورقة الخواجة تينيت .

انتفاضة الأقصى وخسائر القطاعات الاقتصادية

واجه الاقتصاد الفلسطينى بعد انتفاضة 29/9/2000 نتيجة لسياسة الاغلاق الشامل والحصار وضرب البنية التحتية ظروفا صعبة وتكبد خسائر بيرة فى كافة المجالات مما أثر سلبيا على الاداء الاقتصادى ومعدلات النمو وضاعف المشكلات الاجتماعية الناتجة عن ذلك ،مثل البطالة والفقر والاعاقة التى اصابت اكثر من 17.000 ألف فلسطينى فى مرحلة الشباب. اما بالنسبة للاقتصاد الفلسطينى فتقدر الخسائر اليومية بحوالى 30 مليون دولار ويمثل القطاع الزراعى أكبر القطاعات خاصة زراعة الزيتون والموالح...

الحقت السياسة الاسرائلية المحتلة ضد الشعب الفلسطينى أضرارا بالغة ترتبت عليها انتكاسات تركت آثارا تدميرية على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والصحية.....الخ ولكن هل وقف الانتفاضة وعودة الحياة إلى ما قبل يوم 28/9/2000 سيترتب عليه إعادة الحياة إلى الاقتصاد الفلسطينى؟.هل السنوات العشر التى تلت الاتفاقات بين الجانبين الفلسطينى والاسرائيلى ،اختلف الاداء الاقتصادى الفلسطينى عما كانت عليه المناطق الفلسطينية تحت وطأة الاحتلال المباشر؟.... إن الحديث عن إقامة كيان اقتصادى فلسطينى يوازى تجربة سنغافورة فى الشرق الأوسط كان أملاً يراوغ الحالمون دون الوضع فى الاعتبار حالة الهشاشة الاقتصادية التى أخلفها إحتلال دام أكثر من ثلاثة عقود فى الضفة والقطاع.

فما تمارسه إسرائيل من سياسة الأرض المحروقة لتدمير البنية التحتية تدميرا شاملا بحيث تحتاج السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطينى إلى عشرات السنوات لكى نرى مقومات للاقتصاد الفلسطينى ،لذا علينا أن نرى جيدا حجم الخسائر المهولة بالقطاعات الاقتصادية المختلفة وعليه نضع أستراتيجية لبناء إقتصاد مقاومة فى ماجهة العدو الصهيونى وكذلك سياسة المنع العربى الذى بات مرادفا للدعم المتكرش فى صندوق الجامعة العربية والبنك الاسلامى المساهم فى ضرب الانتفاضة الفلسطينية وتقليم أظافر الفلسطينى حتى لا يتجرأ على أستقرار المنطقة. إن ما يتعرض له قطاع الزراعة من تدمير شامل ما هو إلا تنفيذا لسياسات الحكومات المتعاقبة فى إسرائيل بهدف خلق وقائع جديدة على الأرض يصعب تغيرها مستقبلاً ، وتوضح إحدى الدراسات عن حجم الخسارة فى هذا القطاع منذ يوم 28/9/2000 حتى منتصف شهر أبريل 2001

تجريف الأشجار وتدمير الصوب الزراعية والمنشأت الزراعية تقدر بحوالى 80 نمليون دولار ؟،أما خسائر قطاع الزيتون والاستيلاء على بعض المحاصيل والاشجار بحوالى 14 مليون دولار، تدنى أسعارالمنتجات الزراعية بحوالى 37 مليون دولار ، الخسائر فى الثروة الحيوانية تقدر بحوالى 20 مليون دولار ، إرتفاع أسعار الاعلاف نتيجة للإغلاق والتدمير الشامل بحوالى 4 مليون دولار ،أما خسائر الثروة السمكية بحوالى 2.486 مليون دولار ،وكذلك أنخفض عائدات التسويق والتصدير بدون عائدات النقل الزراعى حوالى 5.140 مليون دولار ، وانخفصت الصادرات إلى إسرائيل والخارج بسبب الاغلاقات إلى 9.434 مليون دولار هذا فى قطاع غزة فقط

أما المساحات التى تم تجريفها وتدميرها خلال الفترة السابقة الذكر حوالى 392 دونم ( الدونم = 0.25 فدان مصرى ) ، 2540 دونم خضار وفواكه مكشوفة ومغطاه ، 9.108 دونم أشجار مثمرة ، 32.000 دونم مجهزة لزراعة محاصيل حقلية ،1325 دونم مزروعة بالقمح والشعير والحبوب

هذا بجانب الخسائر التى لحقت بالمزارعين جراء الممارسات الإسرائيلية المتعلقة بهدم المنازل والآبار والمنشئات الزراعية فقد تم هدم 100 مخزن زراعى ،35 مزرعة دواجن مع معداتها ،15 حظيرة حيوانات وقتل 742 من الأغنام والماعز ، 41 بقرة وتم إتلاف 1320 خلية نحل ،وخنق 99500 طائر فى مزارع الدواجن ،كذلك تم هدم آبار كاملة وملحقاتها حوالى 108 بئر ، 219 منزل للمزارعين ، 186 بركة وخزانات مياه تم تدميرها بالكامل وتجريف 4280 دونم من شبكات الرى وتجريف ما يقارب من 48.110 متر من أسوار وسياج مزارع وكذلك 47500 متر من خطوط المياه الرئيسية

ولكن إستمرار الانتفاضة الفلسطينية تمثل نقطة البداية نحو تخلص هذا الشعب المناضل من المعاناة التى يفرضها عليه الصهاينة ،ومن هنا فإن دعم الانتفاضة ماديا وسياسيا يعد ضرورة هامة تتجاوز تلك الوعود الزائفة اللتى قدمها الزعماء العرب فى قمتهم وتواطئو على عدم الوفاء
عودة للرئيسية